في أجواء من التفاعل الصادق بين القيادة والمواطنين، أكد فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال لقائه مساء اليوم الاثنين بأطر ووجهاء مقاطعة عدل بكرو، أن التعليم يشكل العمود الفقري لأي نهضة وطنية حقيقية، وهو السبيل الأوحد لتحقيق التنمية المستدامة وترسيخ قيم المواطنة والمساواة.
وشدد فخامته على أن الشعوب التي لا تستثمر في التعليم تبقى عرضة للتفكك والتأثر بالنزعات الضيقة، بينما المجتمعات المتعلمة وحدها القادرة على تجاوز القبلية والجهوية والتراتبية المصطنعة.
وأوضح رئيس الجمهورية أن الدولة ماضية في تعزيز مشروع “المدرسة الجمهورية” الذي أُطلق قبل أربع سنوات، باعتباره خيارًا استراتيجيًا لضمان تكافؤ الفرص وتماسك الأجيال، مشيرًا إلى الجهود الكبيرة المبذولة في بناء أكثر من 5400 حجرة دراسية، واكتتاب 13 ألف مدرس، مع خطة مستقبلية لبناء 8000 حجرة إضافية واكتتاب آلاف المدرسين خلال السنتين المقبلتين.
كما أبرز فخامته التطور الملحوظ في التعليم العالي والتكوين المهني، الذي تضاعفت طاقته الاستيعابية من 4 آلاف إلى 20 ألف مقعد، إلى جانب إنشاء مدارس عليا متخصصة وتحسين جودة التكوين. وأكد أن الحكومة أولت اهتمامًا خاصًا بأبناء الأسر الأقل حظًا، من خلال تعميم المنحة على المسجلين في السجل الاجتماعي، واعتماد آلية التمييز الجمهوري لتمكينهم من الولوج إلى مؤسسات الامتياز، مع توفير دروس دعم خاصة لهم لضمان تكافؤ الفرص.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن الاهتمام بالمعلم يشكل محورًا أساسيا في هذا الإصلاح، لكونه حجر الزاوية في العملية التربوية، مؤكداً أن الدولة لن تدخر جهدًا لتحسين وضعيته المهنية والمعيشية.
ودعا فخامته مختلف النخب السياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية إلى هبة وطنية شاملة تجعل المدرسة أولوية وطنية، لأن الاستثمار في التعليم – حسب تعبيره – نتائجه مضمونة، كونه يمحو الفوارق، ويعزز تماسك المجتمع، ويحقق التنمية الشاملة.
وأضاف فخامته أن زيارته لمقاطعة عدل بكرو تأتي في إطار الحرص على الاستماع المباشر إلى هموم المواطنين وتطلعاتهم، والاطلاع عن قرب على التحديات التي تواجه المنطقة، مؤكداً أن موقع المقاطعة الاستراتيجي ونشاطها التجاري يمنحها أهمية اقتصادية وتنموية كبرى على المستويين الجهوي والوطني.
وأعرب رئيس الجمهورية عن شكره وامتنانه لسكان المقاطعة على حفاوة الاستقبال وصدق المشاعر، مشيرًا إلى أن هذا التفاعل يعكس روح الانتماء الوطني والوعي بأهمية المشاركة في بناء الوطن. كما دعاهم إلى تفهّم الظروف التي تمر بها بعض المناطق الحدودية، والتعامل بروح الأخوة مع الأشقاء في مالي الذين ربطتهم بموريتانيا علاقات تاريخية وإنسانية متجذرة.
وفي ختام اللقاء، فُتح المجال أمام مداخلات وجهاء وأطر المقاطعة، الذين عبّروا عن تثمينهم الكبير للإنجازات التي تحققت في ظل القيادة الرشيدة لفخامة رئيس الجمهورية، مثمنين التوجه الوطني نحو العدالة الاجتماعية وتحسين الخدمات الأساسية. كما استعرض المتدخلون أبرز التحديات التي تواجه المقاطعة في مجالات التعليم، والصحة، والمياه، والبنية التحتية.
وردّ السادة الوزراء على مختلف المداخلات، كلٌّ في مجاله، مستعرضين المشاريع المنجزة وتلك قيد التنفيذ، مؤكدين التزام الحكومة بمواصلة الجهود لتحقيق تنمية متوازنة تشمل جميع مناطق البلاد.
من جانبه، رحّب عمدة بلدية عدل بكرو، السيد حيد المختار ولد يب، بفخامة رئيس الجمهورية، معبّرًا باسم سكان المقاطعة عن تقديرهم لهذه الزيارة التي وصفها بـ”التاريخية”، لما تحمله من دلالات قوية على اهتمام الدولة بالمناطق النائية وحرصها على إشراك المواطنين في صياغة أولويات التنمية.
وأشاد العمدة بما تحقق من إنجازات ملموسة خلال السنوات الأخيرة في مجالات التعليم والصحة والمياه، مقدّمًا مجموعة من المطالب التي وصفها بالأولوية القصوى لسكان المقاطعة، آملاً أن تجد طريقها إلى التنفيذ في المستقبل القريب.
واختُتم اللقاء بالتأكيد على أن هذه الزيارة تندرج ضمن رؤية فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني “تعهداتي”، الرامية إلى بناء دولة قوية وعادلة، قائمة على التعليم والعدالة الاجتماعية، ومؤمنة بأن الإنسان هو أساس التنمية وغايتها.