
كشفت وزيرة التجارة والسياحة، السيدة زينب بنت أحمدناه، عن خطة وطنية طموحة لإعادة هيكلة قطاع السياحة الداخلية، وذلك من خلال إطلاق مواسم سياحية متعددة تغطي مختلف مناطق البلاد، وتهدف إلى تحقيق الاستمرارية والتنوع والعدالة في التوزيع الجغرافي والاقتصادي للأنشطة السياحية.
وأعلنت الوزيرة، خلال إطلاق موسم “الگيطنه” من مدينة أطار، عن تفاصيل خطة غير مسبوقة تشمل تنظيم مواسم سياحية موزعة على فصول السنة: موسم الخريف في مدينة العيون بالحوض الغربي، موسم الشواطئ في نواذيبو، وموسم ثقافة الضفة في كيهيدي. وتمثل هذه الخطة تحوّلًا جذريًا في السياسة السياحية الوطنية، عبر تنويع الوجهات وكسر النمطية التي طالما اقتصرت على موسم واحد أو وجهة واحدة.
وتسعى الخطة إلى تهيئة الظروف المثالية للسياحة التقليدية في موسم الصيف والبادية، كما تهدف إلى تنشيط السياحة الداخلية في شرق البلاد خلال موسم الخريف، وتفعيل السياحة البحرية في المناطق الساحلية، وإدماج البعد الثقافي والتراثي من خلال موسم ثقافة الضفة الذي يعكس عمق الهوية الوطنية وتنوعها.
وتحمل هذه المبادرة بعدًا اقتصاديًا مهمًا، حيث تُسهم في تحريك عجلة التنمية المحلية بعدة مدن، وتفتح المجال أمام المطاعم، الفنادق، الأسواق، والحرفيين للاستفادة من تدفق الزوار والمشاركين في هذه المواسم. كما أنها تمثل فرصة جديدة لتوزيع العائدات السياحية بشكل أكثر عدالة وإنصافًا.
وتُظهر الخطة رؤية سياسية واضحة للتنمية المتوازنة، من خلال مراعاة التوزيع الجغرافي بين الشمال (أطار ونواذيبو)، الشرق (العيون)، والجنوب (كيهيدي)، مما يعكس حرصًا على منح كل منطقة فرصتها في المساهمة والاستفادة من القطاع السياحي، وفق خصوصياتها الطبيعية والثقافية.
ويبرز اعتماد “ثقافة الضفة” كموسم سياحي مستقل أهمية إدماج التراث غير المادي في العرض السياحي الوطني، ويؤكد اعتراف الدولة بقيمة التنوع الثقافي كأحد أهم مقومات الجذب السياحي، وهو ما يعزز الهوية الوطنية في بعدها التعددي، ويمنح السياحة بُعدًا حضاريًا وإنسانيًا عميقًا.
وترى أوساط مراقبة أن نجاح هذه الخطة يمكن أن يحوّل موريتانيا إلى وجهة سياحية دائمة لا موسمية فحسب، وأن يجذب استثمارات خارجية في قطاعات الإيواء والنقل والخدمات، خاصة في ظل ما تتمتع به البلاد من استقرار أمني ومقدرات طبيعية وثقافية متميزة، تجعلها بديلاً واعدًا في السياحة البيئية والثقافية في المنطقة.
وفي ظل هذا التوجه، تبرز الوزيرة زينب بنت أحمدناه كنموذج ناجح للقيادة النسائية الوطنية، إذ استطاعت بخطة محكمة ورؤية شمولية أن تعيد الاعتبار لقطاع السياحة كقاطرة للتنمية، وواجهة مشرقة تُظهر جمال موريتانيا، وتُسهم في ترسيخ الانتماء الوطني من خلال اكتشاف الداخل والتعريف به.