
في عالمٍ يفيض بالنجوم ويجفّ فيه الوفاء، يُكتب فصلٌ جديد من الحكاية التي بدأت من قلب مصر، وامتدت بضياءها حتى أقصى الشمال الإنجليزي. محمد صلاح، الفتى الذي نشأ بين أزقة نجريج، يمدد عقده مع ليفربول، لا كلاعب فقط، بل كرمزٍ لأسطورة حيّة تُروى للأجيال.
حين وطأت قدماه ملعب “أنفيلد”، لم يكن مجرد صفقة جديدة، بل كان حلماً مصرياً يتجسد أمام الملايين. لكن ما حدث بعد ذلك، تجاوز الحلم. أهدافه لم تكن مجرد كرات تسكن الشباك، بل رسائل حب، فخر، وإصرار، تُرسل من عشب الميدان إلى قلوب الجماهير في الشرق والغرب.
تجديد عقده اليوم، لا يُقرأ كبندٍ إداري في دفتر النادي، بل كاعتراف بالتاريخ. هو تكريمٌ لما أنجز، وإيمانٌ بما هو آتٍ. صلاح لم يكن لاعبًا عاديًا في كتيبة يورغن كلوب، بل كان روحًا تسري في جسد الفريق، يقاتل، يبتسم، ويؤمن أن المجد لا يُشترى، بل يُنتزع بالعرق والدموع.
الجماهير تهتف باسمه، لا لأنه يسجل، بل لأنه يُلهم. لأنه أثبت أن الانطلاق من أرضٍ متواضعة لا يمنعك من الوصول إلى قمة العالم. لقد صار رمزًا لكل شابٍ يحمل الكرة تحت ذراعه ويحلم في صمت.
أما ليفربول، فوجد فيه ما افتقده منذ أيام كيني دالغليش وستيفن جيرارد: لاعبٌ يصنع الفرق ويكتب التاريخ. بتجديد عقده، يكتب صلاح سطرًا جديدًا في ملحمة العشق بينه وبين هذه المدينة، التي لم تعد تنظر إليه كلاعب أجنبي، بل كابنٍ من أبنائها، كصوتٍ من أصوات تراتيل “You’ll Never Walk Alone”.
في زمنٍ تتبدل فيه الولاءات بسرعة انتقالات الصيف، يبقى محمد صلاح وفياً، لا لفريقٍ فحسب، بل لقيمٍ تؤمن بالجهد والهوية والانتماء. فلتُرفع الرايات، ولتُردد الحناجر، أن النجم الذي جاء من ضفاف النيل، باقٍ ليضيء سماء أنفيلد، ويمنح الجماهير سبباً جديداً للفخر، والتاريخ صفحة أخرى من مجدٍ لا يُنسى.