
أظهرت دراسة علمية جديدة أجرتها جامعة كيس ويسترن ريزيرف في كليفلاند بالولايات المتحدة، أن استخدام دواء جابابنتين—المعروف بفعاليته في علاج آلام الأعصاب والصرع ومتلازمة تململ الساقين—قد يكون مرتبطًا بزيادة مقلقة في خطر الإصابة بالخرف والضعف الإدراكي الخفيف، خصوصًا عند استخدامه لعلاج آلام أسفل الظهر المزمنة لفترات طويلة.
ووفقًا للدراسة، التي نُشرت في مجلة “التخدير الإقليمي وطب الألم”، قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 26,400 مريض تناولوا الجابابنتين مقابل نفس العدد من المرضى الذين لم يتلقوا الدواء، وذلك خلال الفترة ما بين عامي 2004 و2024. وأظهرت النتائج أن من تناولوا ست وصفات طبية أو أكثر من الجابابنتين، ارتفعت لديهم احتمالات الإصابة بالخرف بنسبة 29%، في حين زاد خطر الإصابة بضعف إدراكي خفيف بنسبة 85% خلال عشر سنوات من بدء العلاج.
وأشارت الدراسة إلى أن الفئات العمرية الشابة لم تكن في منأى عن هذه المخاطر، حيث تبيّن أن خطر الإصابة بالخرف تضاعف بين المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و49 عامًا، كما تضاعف خطر الإصابة بضعف إدراكي خفيف لأكثر من ثلاث مرات، ولوحظت أنماط مماثلة في الفئة العمرية 50 إلى 64 عامًا.
كما أظهرت النتائج أن عدد مرات وصف الدواء كان عاملًا حاسمًا؛ فكلما زادت الجرعات والوصفات الطبية، ارتفع خطر التدهور المعرفي. فالأشخاص الذين تلقوا 12 وصفة طبية أو أكثر كانوا الأكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 40٪، والإصابة بضعف إدراكي بنسبة 65٪، مقارنة بمن تلقوا عددًا أقل من الوصفات.
يُذكر أن جابابنتين قد حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في عام 1993 لعلاج النوبات الجزئية لدى مرضى الصرع، ويستخدم منذ ذلك الحين أيضًا لعلاج آلام الأعصاب المزمنة. وكان يُعتقد أن الدواء منخفض الخطورة من حيث الإدمان أو الأعراض الجانبية الخطيرة، إلا أن الدراسات الحديثة بدأت تُظهر صورة مختلفة.
وفي هذا السياق، حذر الباحثون من الاستخدام المفرط أو المطوّل للجابابنتين دون مراقبة طبية دقيقة، خاصة في الفئات غير المسنة. وأوصوا بضرورة مراقبة الحالة الإدراكية والمعرفية للمرضى البالغين الذين يوصف لهم الدواء بشكل مستمر، وتقييم البدائل العلاجية عند الحاجة.
وتشير الدراسة إلى أن هناك عوامل أخرى تساهم أيضًا في زيادة خطر الإصابة بالخرف، من بينها: إصابات الدماغ السابقة، فقدان السمع غير المعالج، الاكتئاب، ارتفاع ضغط الدم، السكري، السمنة، والتدخين. لذلك، فإن أفضل سبل الوقاية تتمثل في اتباع نمط حياة صحي يشمل الإقلاع عن التدخين، والنشاط البدني المنتظم، والنظام الغذائي المتوازن، ومتابعة الحالة الصحية العامة بانتظام.
هذه النتائج قد تُشكّل نقطة تحول في طريقة وصف هذا الدواء الشائع، وتدعو إلى حذر أكبر في استخدامه خاصة في الحالات غير المرتبطة بالصرع أو الآلام العصبية الشديدة.