في خطوة تعكس تنامي الوعي الوطني بخطورة الفساد وتداعياته على التنمية والاستقرار، أُعلن اليوم في العاصمة نواكشوط عن تأسيس “الائتلاف الوطني لمحاربة الفساد”، وهو إطار جامع يضم نخبا فكرية وسياسية ومنظمات غير حكومية وهيئات مهنية وشبابية، يهدف إلى توحيد الجهود في معركة شاملة ضد الفساد بكل أشكاله — الإداري، والمالي، والسياسي، والمجتمعي، والأخلاقي، والبيئي.
وجاء في البيان التأسيسي أن الائتلاف ينطلق من تعاليم الدين الإسلامي ومبادئ العدالة والمسؤولية، ومن قناعة جماعية بأن الفساد يمثل الخطر الأكبر على حاضر البلاد ومستقبلها، كونه يستنزف الثروات ويقوض العدالة الاجتماعية ويضعف الثقة بين المواطن والدولة.
وأكد البيان أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر مواجهة صريحة وجدية للفساد، تستند إلى إرادة سياسية قوية وتعبئة مجتمعية شاملة، تضمن خلق بيئة وطنية مناهضة له، قوامها الشفافية والمساءلة والإنصاف.
وأشار المؤسسون إلى أن موريتانيا تعيش مرحلة غير مسبوقة من الجدية الرسمية في محاربة الفساد، تجلت في نشر تقرير محكمة الحسابات للرأي العام، وما تبعه من إنهاء مهام عدد من كبار المسؤولين المشمولين فيه، وإحالة الملفات إلى القضاء، في خطوة وصفت بأنها “تحول نوعي في مسار الإصلاح ومكافحة الفساد”.
وشدد “الائتلاف الوطني لمحاربة الفساد” على أن هذه الإجراءات الأخيرة أعادت الثقة بإمكانية قيام حرب وطنية حقيقية ضد الفساد، لكنها – في الوقت ذاته – تتطلب اصطفافًا وطنيًا واسعًا لحمايتها من محاولات الالتفاف أو التراجع، داعيًا مختلف القوى الوطنية إلى الانخراط الفاعل في دعم هذه المساعي وتعزيزها.
وأكد القائمون على الائتلاف أن هدفهم الأساسي هو المساهمة في بناء ثقافة وطنية مناهضة للفساد، تقوم على نشر الوعي، وتعزيز التربية على المواطنة، ومواكبة الجهود الرسمية بعمل مدني منظم وشفاف يسهم في ترسيخ قيم النزاهة والعدالة.
ويُنتظر أن يطلق الائتلاف خلال الفترة المقبلة سلسلة من الأنشطة التوعوية والورشات التكوينية واللقاءات التشاورية مع مختلف الفاعلين، لبلورة رؤية وطنية متكاملة لمكافحة الفساد وتعزيز الحكم الرشيد في البلاد.