في أجواء أدبية وثقافية مفعمة بالاهتمام والحنين إلى ذاكرة الدولة الموريتانية الحديثة، شهد رواق توقيع الكتب بمعرض نواكشوط الدولي للكتاب مساء الجمعة، توافد عدد كبير من الشخصيات الرسمية والمثقفين والإعلاميين لحضور حفل توقيع مذكرات رجل الأعمال والسياسي البارز بمب ولد سيدي بادي.

الكتاب الذي يحمل عنوان “مسيرة بين أشواك السياسة والاقتصاد”، صدر عن وكالة الأخبار المستقلة ضمن سلسلة إصداراتها المخصصة لتوثيق تجارب الرواد الوطنيين، الذين أسهموا في صياغة ملامح الدولة الموريتانية منذ نشأتها.

وقد أشرف على الحفل وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الحسين ولد مدو، إلى جانب عدد من المسؤولين والفاعلين في المشهد الإعلامي والثقافي، حيث ألقى كلمات بالمناسبة أشادت بمضمون المذكرات وأهميتها في حفظ الذاكرة الوطنية وتوثيق المسار السياسي والاقتصادي للبلاد.

وشهد رواق التوقيع إقبالاً لافتًا من الزوار، حيث اصطفّ المئات للحصول على توقيع المؤلف، بينما تابع بعض المعجبين ولد سيدي بادي حتى خارج القاعة للحصول على توقيعه الشخصي، في مشهد عكس المكانة التي يحظى بها الرجل في الوسطين السياسي والاجتماعي.

وتتناول المذكرات التي صدرت عام 2017، محطات حافلة من مسيرة المؤلف الممتدة على مدى عقود، مستعرضةً تجاربه في عالم المال والأعمال، ومواقفه من الأحداث المفصلية في تاريخ موريتانيا.

ويتوقف ولد سيدي بادي في فصول الكتاب عند أبرز المحطات الوطنية، من تأميم قطاع النقل وتأسيس شركة “سونمكس”، إلى تفاصيل إفشاله لمحاولة انقلابية كانت تستهدف الرئيس المؤسس المختار ولد داداه، كما يوثّق دوره في دعم الجيش الوطني ماديًا ولوجستيًا خلال حرب الصحراء.

ولم تغب عن المذكرات فصول المعاناة التي مرّ بها المؤلف بعد انقلاب 1978، إذ يروي تفاصيل سجنه في تامشكط خلال عهد الرئيس محمد خونا ولد هيداله، وما واجهه من ضغوط مالية وضرائب قاسية في عهد الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، إلى جانب شهادات نادرة حول مرحلة التحولات السياسية التي عاشتها البلاد.

ويؤكد ولد سيدي بادي في مقدمته أن الهدف من نشر هذه المذكرات ليس فقط سرد الوقائع، بل مشاركة الجيل الجديد تجربة مليئة بالدروس حول العمل العام والتحديات الاقتصادية والسياسية التي صاحبت بناء الدولة، داعيًا الشباب إلى استلهام قيم الصبر والالتزام التي طبعت جيل المؤسسين.

وبهذا التوقيع، يكون بمب ولد سيدي بادي قد أعاد إلى الواجهة تجربة غنية ومثيرة، تعكس تداخل السياسة بالاقتصاد في مسيرة وطن ما زال في طور التأسيس المستمر، فيما حظي الإصدار بإشادة واسعة من القرّاء والنقاد، الذين وصفوه بأنه إضافة نوعية للمكتبة الوطنية ولتاريخ الذاكرة الموريتانية المعاصرة.