كشف علماء آثار عن أدوات حجرية بدائية تم اكتشافها مؤخرًا في جنوب اليونان، تعود إلى نحو 430 ألف عام، تُسلّط الضوء على ممارسات الجزارة البشرية المبكرة، وتحديدًا معالجة لحوم حيوانات ضخمة مثل الأفيال المنقرضة.
ووفقًا لما نشره موقع صحيفة GreekReporter، فإن هذه الأدوات المكتشفة في موقع مفتوح يُعرف باسم ماراثوسا 1، الواقع في حوض ميغالوبوليس بمنطقة بيلوبونيز، تُعتبر من أقدم الأدلة الأثرية في اليونان، وتُقدّم لمحة فريدة عن حياة الإنسان البدائي في أوروبا.
أدوات حادة وجوار عظام أفيال
وقد عثر الباحثون، في هذا الموقع، على عشرات الرقائق الحادة، كانت ملقاة على مقربة من عظام أفيال مذبوحة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ. وتُظهر العديد من هذه العظام علامات قطع دقيقة وأضرار ناتجة عن أدوات حجرية، ما يُؤكد تورط الإنسان القديم في معالجة اللحوم باستخدام أدوات بدائية.
وقالت دليلة دي كارو، الباحثة الرئيسية في الدراسة ومرشحة الدكتوراه بجامعة توبنجن الألمانية:
“يمنحنا الموقع فرصة نادرة لرؤية كيف تفاعل البشر الأوائل مع بيئتهم، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمعالجة الحيوانات الكبيرة.”
تقنيات دقيقة لصناعة الأدوات
ركز التحليل على بناء الأدوات والمواد المستخدمة في صناعتها. فقد صُنعت أغلب الرقائق من الراديولاريت المحلي، وهو صخر مثالي لصنع الأدوات، بينما صُنعت البقية من الحجر الجيري، والصوان، والكوارتز.
واستخدم البشر في تلك الحقبة تقنيتين أساسيتين لصناعة هذه الأدوات:
الضرب الحر: حيث يُمسك حجر ويُضرب مباشرة لإنتاج رقائق حادة.
القرع ثنائي القطب: وهي تقنية تتضمن وضع حجر على قاعدة صلبة ثم ضربه من الأعلى لتكسير القطع الصغيرة.
وقد أثبتت التجارب الحديثة أن هذه الأدوات فعّالة للغاية في قطع أنسجة الحيوانات، بل تم تعديل بعضها لاحقًا لتتحول إلى كاشطات ومثاقب أكثر تعقيدًا.
نحو فهم أعمق للإنسان الأوروبي القديم
تُعد هذه الدراسة، المنشورة في مجلة PLOS One، بمثابة دليل مادي مباشر على تطور المهارات التقنية للإنسان البدائي، وأحد أقدم المؤشرات على ممارسات الجزارة في أوروبا، ما يساعد الباحثين في رسم صورة أوضح لعلاقة البشر الأوائل بالحيوانات والبيئة المحيطة بهم.
ويخطط الفريق العلمي، الذي يعمل ضمن مركز سينكينبيرج للتطور البشري والبيئة القديمة بجامعة توبنجن، لتوسيع نطاق البحث لمعرفة ما إذا كانت أنماط استخدام الأدوات البدائية مشابهة في مواقع أخرى بأوروبا وآسيا.