
أعلنت وزارة الزراعة الروسية قرارها إلغاء ضريبة تصدير القمح بالكامل اعتبارًا من يوم الأربعاء 9 يوليو الجاري، في خطوة تهدف من خلالها موسكو، أكبر مصدر للقمح في العالم، إلى استعادة نفوذها في الأسواق الدولية وزيادة تنافسيتها أمام منتجين عالميين مثل الأرجنتين وأستراليا.
ويُعد هذا القرار سابقة منذ فرض هذه الضريبة لأول مرة عام 2021، حين اتخذت الحكومة الروسية ذلك الإجراء لضبط الأسعار المحلية وكبح الصادرات المفرطة. وكانت تُحسب الضريبة بنسبة 70% من الفرق بين السعر الاسترشادي الأسبوعي وسعر أساس تُحدده الوزارة. وبحسب وكالة “بلومبرغ”، فقد تم تحديد السعر الاسترشادي أخيرًا عند 228.7 دولار للطن، وهو ما أدى إلى احتساب الضريبة عند صفر للمرة الأولى.
وتُظهر هذه الخطوة تحولًا جذريًا في السياسة التجارية الروسية، لا سيما في ظل التحديات المناخية والإنتاجية المتزايدة. وتشير التقديرات إلى أن إنتاج روسيا من القمح سيتراجع إلى 81.6 مليون طن لموسم 2024-2025، بانخفاض يقارب 10% مقارنة بالعام الماضي، نتيجة موجات صقيع شتوية وجفاف صيفي قاسٍ.
ومع تخفيض الحصص التصديرية إلى 10.6 مليون طن فقط لهذا الموسم، يُتوقع أن يتقلص المعروض الروسي في السوق العالمية بنسبة 18%، ما قد يؤدي إلى نقص في الإمدادات وارتفاع محتمل في الأسعار، خصوصًا لدى الدول التي تعتمد بشكل كبير على القمح الروسي.
ويرى مراقبون أن هذا القرار يمثل موازنة دقيقة بين حماية السوق المحلية والانخراط بفعالية في التنافس الدولي، إذ بات بإمكان المصدرين الروس مجاراة الأسعار العالمية الحالية التي تتراوح بين 230 و250 دولارًا للطن، بعد أن كانت ضريبة التصدير تشكّل عبئًا كبيرًا وتحدّ من مرونتهم في السوق.
ومع ذلك، تبقى الاضطرابات الجيوسياسية عاملاً مؤثرًا في مشهد صادرات الحبوب الروسية، حيث لا تزال الحرب في أوكرانيا تلقي بظلالها على حركة الشحن في البحر الأسود، وهو ما يزيد من احتمال تعرّض سلاسل التوريد إلى تقلبات جديدة نتيجة تغير المسارات أو زيادة التكاليف اللوجستية.
ويُنتظر أن يكون لهذا التحول في السياسة التجارية الروسية تأثير مباشر على ديناميكيات سوق القمح العالمي، سواء من حيث التسعير أو إعادة رسم خريطة الموردين الرئيسيين للبلدان المستوردة.