
في تحول لافت نحو معالجة إنسانية وتنموية لظاهرة التسول، أطلقت وزارة الداخلية واللامركزية والتنمية المحلية، صباح اليوم الإثنين في نواكشوط، حملة وطنية تستهدف الحد من التسول في الشوارع والطرقات الرئيسية، عبر خطة متكاملة تراعي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمستهدفين.
الحملة، التي تستمر في مرحلتها الأولى لمدة ثلاثة أسابيع، تأتي تتويجًا لاعتماد خطة عمل وطنية شاملة، تتضمن أربع مكونات رئيسية، تسعى من خلالها السلطات إلى الانتقال من مجرد الردع والملاحقة إلى إعادة بناء مسارات حياة المتسولين وتمكينهم اقتصاديًا واجتماعيًا.
وتشمل الخطة:
- إجراء إحصاء شامل وإنشاء قاعدة بيانات وطنية محدثة للمتسولين، ما يتيح متابعة دقيقة لوضعياتهم الاجتماعية والمهنية.
- توفير مقرات إيواء لائقة ومجهزة، حيث تم بالفعل افتتاح مركز استقبال على مستوى مقاطعة الميناء لتأمين الرعاية الأولية للمستهدفين.
- إطلاق برامج مدرة للدخل ودورات تكوينية متخصصة، تهدف إلى تأهيلهم للانخراط في أنشطة اقتصادية منتجة، بدل الاعتماد على الشارع كمصدر دخل.
- تنفيذ حملة توعوية وإعلامية لرفع الوعي بخطورة الظاهرة، وتحفيز المجتمع على دعم البدائل المقترحة والتوقف عن تشجيع التسول غير المنظم.
وأعلنت الوزارة أن اليوم الأول من الحملة شهد سحب العشرات من المتسولين من الشوارع وتوجيههم نحو المراكز المخصصة، حيث خضعوا للإرشاد واطلعوا على تفاصيل البرامج البديلة، كما تم توزيع سلال غذائية عليهم كجزء من الدعم الاجتماعي المصاحب.
وتعكس هذه المبادرة توجهًا جديدًا في السياسات العمومية يقوم على التمكين بدل الإقصاء، والمعالجة الجذرية بدل الحلول الترقيعية، في إطار رؤية تهدف إلى تعزيز الكرامة الإنسانية وتطوير بيئة حضرية منظمة وآمنة.
وتأتي الحملة كجزء من جهود الدولة لمحاربة الهشاشة والتسول المزمن، والحد من الظواهر التي تؤثر على صورة المدن وكرامة الإنسان، مع التأكيد على أن أبواب الدمج والدعم مفتوحة أمام جميع من يرغبون في بناء مستقبل مختلف.