
لم يعد مهرجان لعيون مجرد تظاهرة ثقافية محلية، بل أضحى حدثًا وطنيًا بارزًا يجمع بين التاريخ والابتكار. ومع اختتام نسخته الرابعة، برز المهرجان كمنصة لترسيخ الهوية الثقافية لموريتانيا وإبراز غنى المنطقة بموروثها العريق، حيث تحولت مدينة لعيون طيلة أيامه إلى قبلة لعشاق التراث ورواد الثقافة والفن.
النسخة الرابعة أثبتت أن المهرجان بات من أهم الفعاليات الوطنية وأكثرها حضورًا وتأثيرًا، وذلك بفضل تنوع برامجه وثراء محتوياته التي جمعت بين العروض الفنية، والندوات الثقافية، والمسابقات الشعرية، إلى جانب الفقرات التراثية التي استحضرت العادات والتقاليد الأصيلة لأهل المنطقة.
ورغم الصعوبات والتحديات التي واكبت تنظيم هذه الدورة، برز رئيس المهرجان المختار ولد اقويزي كرجل مواقف نبيلة وصاحب رؤية متجددة، حيث قاد فريقه بحنكة وإصرار ليضع المهرجان في موقع متقدم مقارنة بمهرجانات أخرى نُظّمت في الفترة ذاتها، مؤكدًا أن الإرادة والجدية قادرتان على صنع الفارق.
ويأتي هذا النجاح منسجمًا مع التوجهات العامة لفخامة رئيس الجمهورية الهادفة إلى تعزيز السياحة الوطنية وإبراز الوجه الثقافي لموريتانيا. فقد جسّد المهرجان هذه الرؤية من خلال استقطاب جمهور واسع من داخل وخارج البلاد، فضلاً عن مساهمته في الترويج لمدينة لعيون كوجهة ثقافية وسياحية مميزة.
ولم يقتصر المهرجان على العروض الفنية فقط، بل كان أيضًا فضاءً لإبراز الشعر الحساني بمختلف ألوانه، حيث تنافس الشعراء في إلقاء قصائد عبّرت عن قيم الفروسية والكرم والهوية الوطنية. كما شهدت المنصة عروضًا في الفنون الشعبية من رقصات وأهازيج محلية، أضفت على الفعالية طابعًا أصيلًا يميزها عن باقي التظاهرات.
وقد شكّل الحدث فرصة للتعريف بالثراء الثقافي لمنطقة الحوض الغربي، ليس فقط من خلال الموروث الفني، بل أيضًا عبر إبراز قيم أهلها الأصيلة من كرم وترحاب وحسن ضيافة، وهو ما ترك أثرًا عميقًا لدى الزوار.
إن النجاح المتجدد لهذا المهرجان يفتح آفاقًا واسعة لمستقبله، ويعزز مكانة مدينة لعيون كحاضنة للثقافة الوطنية وفضاء جامع للإبداع، بما يجعلها وجهة مفضلة للزوار والمهتمين بالتراث، ورسالة عملية بأن الثقافة يمكن أن تكون رافعة للتنمية المحلية والوطنية في آن واحد.
هنيئًا لمدينة لعيون وولاية الحوض الغربي بهذا العطاء المستمر، الذي يؤكد أن الثقافة الموريتانية قادرة على رسم ملامح المستقبل بروح من الأصالة والابتكار.