أظهرت تقارير اقتصادية حديثة أن الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على السلع المستوردة ألقت بظلالها الثقيلة على أنشطة المصانع في مختلف أنحاء آسيا، لتحد من آفاق النمو وتبقي الضغوط قائمة على صانعي السياسات لدعم تعافي الاقتصادات الهشة في المنطقة.

وعلى الرغم من الأداء المفاجئ الإيجابي لقطاع التصنيع في الصين خلال أغسطس، فإن الصورة الإقليمية الأوسع تكشف عن تراجع مستمر في معظم الاقتصادات الآسيوية الكبرى، خصوصًا اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، حيث شهدت جميعها انكماشًا في نشاط المصانع نتيجة تباطؤ الطلب الخارجي وتداعيات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

الصين بين الإيجابية والضغوط

سجل مؤشر مديري المشتريات العام لقطاع التصنيع في الصين، الذي تعدّه مؤسسة “إس آند بي جلوبال”، ارتفاعًا إلى 50.5 نقطة في أغسطس مقابل 49.5 في يوليو، متجاوزًا توقعات السوق ومتخطّيًا عتبة النمو. غير أن بيانات رسمية سابقة أظهرت انكماش النشاط الصناعي للشهر الخامس على التوالي، في إشارة إلى أن التحسن لا يزال هشًا ومعتمدًا بشكل كبير على الصادرات.

وقال المحلل الاقتصادي ياو يو إن “قطاع التصنيع الصيني يقدم دعمًا مؤقتًا للتعافي، لكن استدامة هذا التحسن تعتمد على استقرار الصادرات وتسارع الطلب المحلي، وهو ما لا يبدو مضمونًا في الوقت الراهن”.

اليابان وكوريا الجنوبية في دائرة التراجع

في اليابان، ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي قليلًا إلى 49.7 نقطة في أغسطس من 48.9 في يوليو، لكنه بقي دون مستوى 50 للشهر الثاني على التوالي، مما يعكس استمرار الانكماش. وأشار المسح إلى أن الطلبات الجديدة من الخارج تراجعت بأسرع وتيرة منذ مارس 2024، خاصة من الصين وأوروبا والولايات المتحدة.

أما كوريا الجنوبية، فواصلت تسجيل انكماش مطرد في نشاط المصانع، إذ بلغ المؤشر 48.3 نقطة في أغسطس مقابل 48.0 في يوليو، وهو التراجع السابع على التوالي، رغم توقيعها اتفاقًا مع واشنطن لخفض الرسوم الجمركية من 25% إلى 15% اعتبارًا من أغسطس.

تايوان وجنوب شرق آسيا

كما سجلت تايوان ضعفًا في نشاط التصنيع خلال أغسطس، في حين برزت الفلبين وإندونيسيا كاستثناء، حيث واصلت أنشطتهما الصناعية التوسع مدعومة بالطلب المحلي المتزايد.

تحذيرات اقتصادية

من جانبه، أكد شيفان تاندون، الخبير الاقتصادي في مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس”، أن “الرسوم الجمركية الأمريكية ستؤدي في الفترة المقبلة إلى تباطؤ النمو العالمي، ما يشكل عبئًا إضافيًا على اقتصادات آسيا المعتمدة بشكل أساسي على التصدير”.

ويرى خبراء أن التوترات التجارية، إلى جانب ضعف الطلب العالمي، ستبقي اقتصادات آسيا تحت ضغوط حادة، رغم المؤشرات الإيجابية المحدودة في الصين.